تاكرونة ( le village perché )

تاكرونة…..سوسة
تلتصق المنازل القديمة بعضها ببعض، على مستويات مختلفة الارتفاع، لتشكل معاً القرية الأثرية التي تبدو منحوتة في الصخر بشكل يخطف أنظار المارين، وبسبب موقعها هذا، بات عدد من أبنيتها مهجوراً عليها لصعوبة ترميمها.
حافظت تاكرونة على اسمها البربري حتى يومنا هذا، حيث لا يوجد ترجمة عربية لاسمها هذا، وتبعد 5 كيلومترات عن مدينة النفيضة التابعة لمحافظة سوسة، وحوالي 100 كيلومتر الى الجنوب من العاصمة تونس، تحيط بها بساتين زيتون وأراض زراعية واسعة من مختلف الجهات، ولا تزال تسكنها بعض العائلات الأمازيغية التي لا تزال تحاول التشبث بأرض أجدادها على الرغم من الأحداث التي عاصرتها وعلى الرغم من جميع المحاولات لطمس هويتها.
تعد القرية اليوم وجهة سياحية مميزة، بعد أن كانت في القرن الماضي موقعا عسكريا استراتيجيا، يمكن الوصول إليها على الأقدام من خلال صعود أدراج تحيط بها الصخور الكبيرة ونباتات الصبار، كما يوجد مسالك أخرى تشكل مداخل ومخارج للقرية يعرفها سكانها جيداً، وجميع هذه المسالك تقود الزائر الى اعلى القرية حيث يوجد ضريح “سيدي عبد القادر” الذي يلقبه السكان بـ “الولي الصالح”. جمال القرية نفسها وجمال المنظر الذي تطل عليه من أعلى جعلها أيضاً احد المواقع التي يقصدها صناع السينما والدراما، كما تعد القرية أيضاً قبلة للتظاهرات الثقافية والرحلات الترفيهية لا سيما في فصل الربيع، حيث تزدان القرية بالأزهار التي تحيط بالمباني فتزيدها جمالاً
لا تزال القرية تحتفظ بالعادات البربرية وبالمطبخ البربري حيث لا تزال نساء القرية تخبز خبز الطابونة، (الطابونة عبارة عن فرن تقليدي مصنوع من الطين)، بالإضافة الى طهي الأكلات الشعبية كالمحمصة والكسكس، التي تصنع في البيوت من مشتقات الحبوب.
يذكر أن الأديب التونسي الطاهر قيقة هو أحد أبناء تكرونة، وقال عنها في حديث صحفي نشر في العام 1990:” ”تكرونة هي الجبل، هي الريف، هي الجامع والزاوية والمقبرة، والصخور المتناثرة بين المنازل تذّكر أهل القرية بالشدّة والصلابة التي جبّلوا عليها مع الأنفة وعزّة النفس. والشموخ. تكرونة هي المنبت. هي الذكرى. ووالدي –رحمه الله – هو الأصل. هو المدرسة. هو الذي علّمني الحياة”.
تستمر تاكرونة ويستمر أهلها في الحياة فيها على الرغم من قساوتها، لتكون واحدة من آخر المواقع التاريخية التي ترمز الى حضارة الأمازيغ في منطقة المغرب العربي.